بقلم : أ د صالح بن سبعان
إن ميزان القوى العالمي يعتبر الركن الأساسي في صراع العملات من اجل السيطرة والهيمنة، ويبدو هذا واضحاً لمن يطالع على عجل تاريخ العملات في العالم، فيوم كانت الدولة الإسلامية هي ذات النفوذ العالمي في العالم، كانت حضارتها الإسلامية هي السائدة، سك عبد الملك بن مروان العملة الإسلامية لتعميمها علي البلدان التي فتحها المسلمون.وحين مال ميزان القوة عالمياً منذ أوائل القرن التاسع عشر حتى بداية الحرب العالمية الأولي لصالح الغرب الأوربي وتوسعت مستعمراته في كل القارات، أصبحت لندن هي المستقر العالمي للعملات الدولية، وبالتالي أصبحت هي ركن الثقل في المبادلات التجارية والتحويلات المالية الدولية، واحتل الجنيه الإسترليني مركز الصدارة بين العملات الأوربية الاخري.
وعندما مالت الكفة بعد الحرب العالمية الثانية لصالح أمريكا خرجت أمريكا من محادثات ( برايتون وودز )، والذي عقد تحت رعاية الأمم المتحدة عام 1944، وبحق إشراف مصرفها المركزي على النقد العالمي، بدلاً من اتحاد المصروفات الدولي الذي اقترحته بريطانيا يومها، ليستقر الدولار منفرداً ليكون هو النقد الوحيد الصالح كأداة تبديل بالذهب بسعر (35) دولار للأوقية الواحدة.
وحينما انخفض رصيد الدولار من الذهب من 100% إلي 20% في الستينات وقع الدولار في أزمة مستعصية، وقامت فرنسا وبريطانيا باستبدال مليارات الدولارات بالذهب لتفريغ الخزينة الأمريكية من ذهبها، فأصدر الرئيس نيكسون قراراً بإلغاء تبديل الدولار بالذهب في عام 1971، ورغم هذه الهزة العالمية وموجة الاحتجاجات، إلا أن العالم انتقل إلي مرحلة جديدة في نظامه النقدي حيث استقر الدولار كقاعدة للنقد يتم على أساسه تثبيت أسعار الصرف، وصارت المعاملات المالية وحركة البورصات والمبادلات التجارية وتقييم أسعار صرف العملات الاخرى مرتبطة بالدولار، ويتبع ذلك أسعار النفط والذهب الذي أصبح سلعة كباقي السلع التجارية في الأسواق الحرة.
ومن هنا يتضح أن موقف العملات في الأسواق العالمية تتحدد باشتراطات أخرى :
سياسية واقتصادية وثقافية.. الخ، وان نظام العملات إنما هو واحد من بؤر تجليات ميزان القوى من العلاقات الدولية.
حيث ظهرت مخاوف جديدة ، تتعلق بتأثير محتمل على دول مجلس التعاون الخليجي في سياق حروب العملات العالمية نتيجة السياسة النقدية الأميركية والانخفاض الاسمي لقيمة الدولار ،وما قد ينسحب على أسعار النفط وحركة التجارة ومعدل التضخم العام والتدفقات الرأسمالية إلى اقتصاديات المنطقة، ويحتمل أن تؤثر هذه العوامل وخاصة التضخم ،على الاقتصاديات الخليجية ، لدرجة قد تستوجب تحركا من راسمي السياسات الاقتصادية في المنطقة.
ومن جهه اخرى فأن الانخفاض المستمر للدولار سيزيد من معدلات التضخم ويخفض القوة الشرائية، وبالتالي ينخفض معها قيمة الاستثمارات داخل المملكة وخارجها المقيمة بالدولار، مما يدخلنا في حالة الركود التضخمي ،وقد قامت الدولة باصدار العديد من التشريعات للحد من تلاعب بعض التجار بالاسعار ، والتشهير بالمتلاعبين كخطوة رئيسية يتحقق معها الحد قدر الامكان من التضخم المفتعل .