عبدالله بلغيث الشهري
المعلم ياسادة هو سليل النبوة هو داعي الحق هو باني الأمة ، على يديه تُبنى الصروح وبإشرافه تعلو المنابر .
المعلم هو من يربي الجيل ويغرس الأدب ويتمم مكارم الأخلاق ، هو من ينشر الوعي ويهذب الطباع ويزرع القيم .
المعلم هو الأب بعطفه ( وهو الأم بحنانها ) ، هو المصلح والمرشد ، هو المنظم هو المسعف .
المعلم هو من يعدّ المفكر والمهندس والطبيب والمجاهد ورجل المرور ورجل الإطفاء فكيف إذا أعدّ المعلم معلمًا ؟ إنه بذلك يبني أمة ويصنع مجدًا ويدون تاريخًا .
مهنة التعليم صنعة ومهارة لايحذ قها إلا من أحبها ، أحب المهنة والعلم فشق بها طريقًا معبدة بالعلم والأدب والرقي .
لكن كلمة العلم والتعليم أحبابي لاتقتصر على المعلم في المدرسة فهي تشمل كل الوسائل التي تعين على إيصال المعلومة والفكرة ، فالبيت أعظم مصدر من مصادر التعليم إذا سار مع المعلم في طريقين متوازين لايتقاطعان ، والمسجد مصدر إذا وُجّه إليه ، والبيئة المحيطة والمجتمع والإعلام كل تلك مصادر يُستقى منها ويُنهل من مواردها .
وفي هذا الوقت دخلت وسائل التواصل الاجتماعي فأصبحت مصدرًا مهمًا وسريعًا قربت المسافات واختزلت الأزمان واختصرت العالم كلَّه في شاشة صغيرة فاختلطت فيه المعلومة غثُها وسمينُها وأضحت منهلًا للذوق مع الفحش وأمست مرتعًا يتلقى منها الأدب والكرامة بصحبة الخسة والدناءة وفتحت الخارج على الداخل واستوردت الثقافة بجانب الرذيلة وصدرت الفضيلة والفضيحة معًا ومانشاهده في واقعنا بسببها من كثرة المبادرات والأفكار والأعمال الخيرية والمشاريع الإنسانية وسهولة التواصل والتعاون على الخير والدعوة للبر من الأشياء التي نفتخر بها ونرفع رؤوسنا عاليًا ، وفي المقابل نشاهد الممارسات القبيحة والأفعال القذرة والأخطاء الكوارثية التي لم نعهدها في سابقنا مايجعلنا نطأطئ رؤوسنا وندسها في الوحل .
مع هذا التعدد في مصادر التعليم والتنوع في أساليب التربية هل بقي على المعلم الشيء القليل ؟ أم صار عليه الحمل الكبير ؟ وماهو دور البيت ؟
إذا نظرنا لواقعنا بنظرة معتدلة وشاهدنا السلوكيات السيئة والمشينة من الجنسين في المجتمع فليس لنا ولأنفسنا الحقُ في اللوم والقسوة على المعلم ، فربطها بالتعليم مباشرة ونسيان دور البيت والمجتمع ظلم وفجور ، وفي المقابل الثناء على المبادرات البناءة في المجتمع والأفكار القيمة ينصب ويتجه للبيت الذي ربى والأسرة التي أنتجت ويتم بهدوء تجاهل المؤسسة التعليمية . هذه الأحادية في التفكير والانتقائية أصابت المسيرة العلمية في مقتل والتفكير بالازدواجية .
يظن البعض أنه لم يبقَ على المعلم الكثير ليقدمه سوى ما رسمه المنهج والمقرر لكنه حقيقة ظل عليه الحمل الكبير في التوجيه إلى أي مصدر يُأخذ منه ولأي نبع يُثق فيه ويُشرب منه بعد أن تلوثت المياه وتلطخت المشارب فزادت عليه مهمة التوجيه والإشراف مع الأدب والتربية في ظل العلم والمعرفة . وهنا زادت أيضًا مسؤولية البيت وأصبحت مهمته أعظم وأكبر في متابعة النشأ في تحصيله العلمي ومراقبته في تصرفاته ومصاحبته في مسيرته ، في الأخذ بيده للطريق السوي ومساعدته في تكوين الشخصية التي تبني ولاتهدم وتصلح ولاتفسد . وزادت أهمية المجتمع والإعلام والمؤسسات في تبني الأساليب الحديثة وتعزيز القيم وترسيخ مبادئ العقيدة والصلاح والوقوف بحزمٍ وصرامةٍ لمحاربة الضلالات ومقارعةِ العنف والتخريب وتجفيفِ منابع الشر والفتن والفساد . إن تعدد وتباين وتنوع المصادر التي لم تعد في متناول اليد الواحدة يضع أمام المجتمع أهمية ووجوب تقوية وتعزيز دور البيت من جهة فمسؤوليته أمام الله عظيمة ، كما يجب زرع الثقة في المعلم والمربي والقدوة من جانب آخر والقيام له بالتبجيل والشكر ، ويحسن عدم التدخل في طريقته وأسلوبه وتركه مع صنعته فهو أجدر منا في حذقها حتى تستقيم مسيرة الأخلاق والأدب والتعليم التي ورثها من الأنبياء .
لقد انصفت المعلم بهذا المقال نسأل الله أن يكتب لك الأجر والمثوبة
وهذا ليس بغريب عليك فأنت ابن لعلم في العلم والأدب
شكرا ابو سلاف