حسن بن عويش العمري
ذلك قرن من الزمان . الا انه بنكهة الشُبّان !
لكل إنسان أنٌاسٍ يرتاح لهم، ويتشوق للقائِهم ويحّن لشوفتهم، ويستأنس للحديث معهم، وسماع تجاربهم في معترك الحياة!
من البديهي ان يفضّل من يكونوا أقرب اليه في السن والتفكير والعادات!
شاءت الاقدار ان أتعرف على رجل يفوق سني بما يزيد عن الضعف ، وليس من بيئتي ، ولَم أكن أتصور بان هذا الرجل سوف يكون لي نعم الوالد ونعم الصديق!
قبل اكثر من عشرون سنة تعرفت على علّم معرفة ، ورمز عصامية ، ونبراس وفاء ، رجل لو كان للصدق والوفاء والإنسانية والصبر رائحة لفاحت من ثيابه!
انه العم والوالد والصديق عمر بن سعد البيز من عائلة العيسى ذائعة الصيت من قبيلة بني زيد،
ابا سعد ولد ونشاء في شقراء وسط نجد العذية يتيم الأب حيث ان والده قد استشهد خدمة لوطنه ابان توحيد المملكة على حدود الاحساء،
ابا سعد ولد في زمان ليس بزماننا وظروف معيشة أشد من ان نقول عنها مُعدَمة!
ذكر لي بانه كان له أخت تصغره وأمه رحمها الله حيث رفضت الزواج بعد وفاة والده، وعاشت من اجلهم!
سألته ذات مرة سؤال جعلني اعلم يقيناً بأن الخبرة تصقل الرجال!
قلت له ابا سعد هل كانت والدتك تعيش معك؟ فكانت الإجابة التي لم أكن أتوقعها حين قال بل نحن من كنّا نعيش معها!
قال لي والدتي كانت تطحن الحبوب وتطبخ الولائم وخاصة الجريش لأهل شقراء كمصدر رزق لها ولأولادها.
عاش هذا الرجل حياة قاسية ، الا انه كان اقسى منها!! بدء حياته العملية منذ كان في الثامنة من عمره يعمل خادما عند بعض أقاربه خارج شقراء وعندما اشتد عوده قليلا عمل صبيا عند الجماميل، ثم بعد ان أصبح شابا عمل جمالاً يدير قوافل التجارة لأهل شقراء لأمانته وثقتهم فيه ولما تميز به حنكة وفطنة ومعرفة الطرق وموارد الماء،
كان يجوب صحارى الجزيرة العربية طلبا للرزق على ظهور الابل منطلقا من شقراء الى الكويت و الجبيل و العقير وبيشة و رنية والخرمة و مكة و المدينة و مصدة و نفى و حائل، ذكر لي من الماسي في تلك الفترة ما الله به عليم!
عندما بلغ من العمر ٣٣-عام ، استقر في عفيف واتجه الى تجارة المواشي ، وبعد ان تزوج انتقل الى مكة المكرمة حيث وجد وظيفة في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
وعلى الرغم من كل هذه الظروف الا انها لم تمنعه من ان يثقف نفسه، حيث أصر على التعليم الليلي وحصل على الابتدائية!
لديه من الأبناء خمسة ذكور ، اجتهد في تربيتهم وتعليمهم ، حتى أصبحوا إعلام واصحاب مناصب وشهادات عُليا!
أحدهم توفي إثر حادث مروري قبل أكثر من 30 سنه وهو برتبة ملازم اول بحري، أما الآخرين فأكبرهم تقاعد من القوات الجوية برتبة لواء طيار ركن وهو الان الرئيس التنفيذي لإحدى كبريات الشركات بالشرق الأوسط، والثاني خبير انظمة حاسب متقاعد بالولايات المتحدة الامريكية، والثالث دكتور مهندس وهو أحد القياديين البازين لأرامكو السعودية، والرابع من كبار موظفي شركة سابك المميزين.
نعود لصديقي ووالدي عمر ، جالسته كثيرا وأشتاق للحديث معه فهو مكتبة تجارب متحركة ، وصاحب نظرة ثاقبة ، ولدية من الخبرات التي قلما تجدها عند اقرانه!
عاش معتمد على الله سبحانه ثم على نفسه، أطلق لا بناءه العنان بتوجيهات رائعة ومتزنة ليشقوا طريقهم حتى أصبحوا كما ذكرت!
كبر صديقي وتوفيت زوجته رحمها الله وأصبح مجبراً لا بطل للبقاء مع ابناءه!
لا أخفيكم انني اشتاق لرؤيته والحديث معه! وجدت هذا الرجل يحمل قلباً قنوعا ليس كقلوب البشر وعنده من الصبر والجلادة وسعة الصدر مالم اجده عند بشر! وجدت صديقي لا يرغب ان يكلف على أحد بمُساعدته! يتحمل الالم من اجل إسعاد الآخرين! يبتسم مهما كانت الظروف! يحاول إسعاد من حوله حتى لو كان ذلك على حساب صحته وراحته!
لديه أبناء قل ان اجد لهم وصف يُليق بِهم! وجدت عنده أبناء اوفياء يتسابقون على خدمته، يجلونه ويجلون من يُحب!
ابا سعد اكبر مني سناً الا انه ينزل الى مستوى سني تارة ويأخذني الى مستوى سنة تارة اخرى! ابا سعد رجل لا يُمل الحديث مَعَه فهو موسوعة من المعلومات ولديه من القصص والاحداث التاريخية ومن الأشعار وعلوم الرجال ما يبهج النفس،
اخيراً: مهما كتبت عن والدي وصديقي ابا سعد فلن اوفيه قدره وحقه! حيث تعلمت منه الكثير وكان له عليّ أفضال كثير! ورغم فارق السن الكبير الا ان ابا سعد أحد اوفاء من عرفت وأكبر وأجل من أستطيع ان اقول عنه بعد والدي! وأفضل من يستحق ان اقول عنه صديقي!
ختاماً: اسال الله سبحانه ان يمد في عمره على طاعته وان يلبسه ثياب الصحة والعافية ، وان يحسّن لنا ولكم وله الخاتمة...
استمتعنا بسردك قصة الرجل الذي تحبه وتجله
الشيخ الوقور اباسعد.
يعلمنا كيف نعيش وكيف نكون اهل صبر وجلد
ندعول الله له ولامثاله من الاباء بالصحة والعافيه وطول العمرعلى طاعته.
وكماقلت .
اللهم احسن لنا وله الخاتمه.
لقد شديتني بمقالك هذا .
والحقيقة انه مقال جميل يستحق القراءة وتؤخذ منه الدروس والعبر .
لقد احسنت واجدت فشكرا لك .
مقالك جميل وممتع ،ودائما كبار السن هم مدرسة لنا في جميع الأمور سواءً دنيوية أو أخروية
شكراً لك ابو أحمد على هذا المقال الجميل