صالح جريبيع الزهرامي
تحدث معالي الأمين عن تثبيت الهوية الحضارية والعمرانية لبوابة الحرمين الشريفين..واستطرق في الحديث عن أهم مشاكل جدة..ومنها وجود60حياً عشوائياً..وأن80%من مبانيها مخالف للأنظمة والتعليمات..ووجود850ألف حفرة و90ألف بيارة مفتوحة..بالإضافة إلى المستنقعات والبعوض وحمى الضنك..والاعتداء على الأراضي..وتقطيع ثوب جدة بالورش والبقالات وبسطات الخضار..وعدم الالتزام بكود سعودي ولا عالمي في تخطيطها وهي المدينة السعودية الوحيدة في ذلك..ثم تحدث عن تدمير اللون الأخضر والتشوه البيئي والبصري والسمعي..إلى غير ذلك مما ورد في تلك الكلمة الضافية..ووعد بأنسنة المدينة وهيكلة الرقابة وجودة الحياة ونقل الورش وتشاليح السيارات والارتقاء بالتصميم الحضري..إلخ.
وقبل أن أنتقل إلى صلب مقالتي أود أن أذكر مشكلة واحدة أخرى إضافية من مشاكل جدة التي لا تنتهي..وهي مشكلة التلوث البيئي الصادرة من محطة التحلية على الكورنيش ومصفاة أرامكو على البحر وخزاناتها قرب المطار..والمياه الآسنة ذات الروائح الكريهة في الميناء وسوق الأسماك القريب منه والبحيرات المنقطعة عن البحر..ومياه الصرف الصحي التي تلقى قريباً في البحر من الأحياء القريبة..أو تلك التي تسللت إلى العديد من خزانات مياه المواطنين خصوصاً في الأحياء الشرقية للمدينة أمثال السامر والحرمين وغيرها..أما ثالثة الأثافي فهي محطة تنقية مياه الصرف الصحي بجوار مطار جدة التي تستقبل الحجاج والمعتمرين وزائري جدة بأسوأ رائحة قد تجدها في أية مدينة في العالم.
الحقيقة أنني لا أعرف معالي صالح التركي إلا من خلال ما ينشر عنه وما نسمع عنه..وأنا متأكد بأنه لا يعرفني..ولكن لابد من الإشادة بالرجل باعتباره من أكبر المحسنين في مدينة جدة..وقدم الكثير من أعمال الخير الجليلة..وأنعم بها وأكرم بها من صفة..فهو رئيس لجنة تراحم لرعاية السجناء بجدة..ويترأس جمعية البر بجدة..وهو رجل أعمال ناجح يقود العديد من الشركات..ومن الواضح أنه آتٍ وهو يحمل هم هذه المدينة بين جنبيه..ونتمنى له التوفيق.
ولكن..وآهٍ من لكن وما بعدها..هل ستقف الأنظمة واللوائح والتنظيمات والمصالح حائلاً أمام صالح التركي وغيره..وهنا نسأل:ما الذي أعاق تطوير حي الرويس من قبل الشركة التي يرأسها صالح التركي نفسه..ولماذا تعثر مشروعها الذي أقامته على بعد مائة فرسخ عن جدة في مكان قاحل خالٍ من الخدمات وقبضت الثمن من المواطنين ولم تنجزهم حتى الآن..ولماذا لم تنته حتى اليوم المحاكمات الماراثونية في سيول جدة..ماذا عن جسر أبحر..ما الذي أعاقه..ماذا عن الأراضي الشاسعة قرب استاد الأمير عبدالله الفيصل التي لم تقلع منها شجرة حتى اليوم رغم تهديد ووعيد وزارة السمسرة الإسكانية بفرض رسوم على الأراضي التي لا يتم تطويرها..وماذا عن غيرها من الأراضي المسورة حتى اليوم في كل بقعة من جدة..وهي أراضٍ بملايين الأمتار المربعة..ماذا عن المشاريع المتعثرة..ماذا وماذا..إنني هنا لا أتهم معالي الأمين..لأنني أعرف أن كل ذلك لأسباب خارجة عن أية إرادة له أو لغيره..وإنما هي الأنظمة والقوانين والأساليب الإدارية والمخارج والمداخل والاختراقات وسلطة الأموال والأشخاص والارتباطات التنظيمية وتعارض المصالح بين الدوائر الحكومية وضبابية الصورة وغياب الفهم وانعدام التطبيق.
ولذلك كله..ولكي ينجح معالي أمين جدة وغيره من الطامحين إلى التغيير الحقيقي في هذه المدينة..فإنني أتمنى على صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة المكرمة وصاحب شعار نحو العالم الأول..وعلى معالي أمين جدة..العمل على استصدار إرادة ملكية تلغي كل ما يتعارض معها من الأنظمة..وإنشاء هيئة تنفيذية مستقلة إدارياً ومالياً تعنى بأمر جدة..على غرار الهيئة الملكية للجبيل وينبع..مع مراعاة فتح الأبواب لإشراك القطاع الخاص وتمكينه من بناء الخطط وتملك المشاريع سواء الخدمية أو العقارية تحت رقابة الدولة..وتشكيل لجان وهيئات قضائية مستقلة لسرعة البت في جميع القضايا العالقة التي وقفت حجر عثرة أمام العديد من الخطط الطموحة..ولسرعة البت في المنازعات الناشئة..والمراقبة والمحاسبة الفورية للجهات والأشخاص الذين يخالفون أو يعيقون الخطط التنفيذية.
في الجزء الثاني من مقالتي هذه سأتناول بعض المشاكل وحلولها الممكنة..خاصة مشاكل الأحياء العشوائية..وتدمير اللون الأخضر..وأنسنة مدينة جدة..والهوية الحضارية.
وسأتحدث فيها عن(فؤاد العسيري)..أعلم بأنكم لا تعرفونه.
كما سأتحدث فيها عن(سعود العجلان)الذي لا تعرفونه أيضاً.
صالح جريبيع الزهراني