د. مسفر أحمد مسفر الوادعي-جامعة الملك خالد
بالأمس دولة ماليزيا كانت دولة زراعية تقبع في أوحال التخلف الحضاري وتعيش على هامش التاريخ، وظلت على ذلك أزمنة متوالية إلى أن قيض الله له الدكتور مهاتير محمد القائد الملهم الإيجابي فوظف الإمكانات ودعم القدرات لتصبح اليوم في طليعة النمور الأسيوية وتنضم إلى موكب الدول المتقدمة، وتحتل المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للتقنية متجاوزة أيطاليا والسويد والصين.
زواية أخرى: فلندا دولة أوربية زراعية صغيرة المساحة مقارنة بغيرها يقصدها المهاجرون للعيش فيها، تنحصر مصادر الدخل فيها على المنتوجات الزراعية والتقنية. وقيض الله تعالى لها الدكتور باسي سالبرغ والذي يعد الأب الروحي للنهضة التعليمية في فلندا والمبشر الأبرز بالأساليب التعليمية الجديدة من خلال كتابه الشهير Finnish Lessons والذي من خلاله دعا إلى إبادة جراثيم التعليم؛ لتصبح اليوم رمزاً للتعليم المتطور المواكب لمتطلبات العصر والملبي لاحتياجات الانسان.
زواية ثالثة: اليابان دولة دُمرت في ثنايا الحرب العالمية، وأُهلك حرثها ونسلها، ولكن تلاشت آثار تلك الحرب وكسرت على صخرة إيجابية المواطن الياباني ورغبته في الصدارة العالمية لتعود اليوم مَقصِداً لعشاق التقنية والتكنولوجيا.
وبعد هذا كله نتساءل كيف يمكن لنا أن نتسم بالإيجابية وأن نتسربل بسربالها خصوصاً في زمن شاعت فيه ثقافة اليأس والإحباط ووأود المهارات والكفاءات.*
وللجواب عن ذلك من خلال نقاط عدة:
١- الإيجابية مهارة تكتسب بالتعلم والتدريب وتنمو بالممارسة والمبادرة، وتتطلب تغيير قناعات الانسان والأحكام المسبقة لديه عن ذاته، فهذه نملة حكى الله تعالى حالها علينا عندما شعرت بالمسؤولية تجاه مجتمعها، فأبلغت عشيرتها وأنذرت قريتها فأنجاهم الله تعالى من سليمان وقومه. وكلما اتسمت شخصية الانسان بالإيجابية كلما انعكست على البيئة التي يعيش فيها.
٢- كن ذا أثر نافع من خلال مبادراتك وإسهاماتك ولا تقف لعذل العاذلين ولا لانتقاد السفهاء الحسّاد. وليكن دليلك وحاديك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من دعا إلى هدى كان له مثل أجره وأجر من تبعه إلى يوم القيامة).
٣- التعاطي مع المستجدات بعقلانية وهدوء والاستفادة من المستحدثات فالإنسان عدو ما يجهل، ومحاولة استثمارها في صناعة واقع جميل ومستقبل مشرق بإذن الله تعالى.
٤-البعد عن لوم الآخرين والأخذ بزمام التغيير فالزمن يجري والأيام تتصرم، والحرص على طرح البدائل وعدم الوقوف عند العوائق ،فالتأريخ سجل مشرّف للمبدعين والإيجابيين.
وأخيراً لنكن إيجابيين في مجتمعنا ووطنا، آخذين بزمام المبادرة، محفزين لمن حولنا، بناة مطورين، قادة ملهمين، نستثمر المعطيات والمقدرات الحالية، ونستشرف المستقبل القريب بإذن الله تعالى.