الدكتور عبدالله بن سعيد الأسمري
(و انداح من لجة الليل التي شحبت … شدق يزيد اتساعا كلما اقتربا)واخشى ما اخشاه أن تسطيح المنحنى الذي كنا نتشوق الي الوصول اليه تبعدنا عنه هذه السلوكيات التي أشاحت بوجهها عن حقيقة واضحة مفادهاأن الوباء ما يزال باق ولم يقل مسؤول واحد انه تلاشى او ارتفع عنا رغم اننا نرى وزير الصحة وفي كل عام اثناء موسم الحج يعلن خلو الموسم من الوباء ..
ومع هذا يقنع البعض نفسه ان الجائحة زالت ، بل مما زاد الطين بِلَّة، التساهل في الدعوات من خلال وسائل التواصل للزيارة والمؤآنسة في وضع أعرج يتمثل في أنهم لا يتصافحون ويلتزمون بالتباعد في الجلوس في المجلس لكن بعد ذلك يتحلقون على مائدة مستديرةواحدة ، ثم
الشاي والقهوة وإهمال كل ما تم تعلمة وقت الحجر ،
وإذا اصيب البعض بأعراض الوباء من جراء الاهمال يبدأ باللوم تارة لنفسه وأخرى يلقي باللوم على الغير وإن لم يجد قال قضاء وقدر مع علمه أنه مفرّط ومتساهل .اسأل الله لي وللجميع الشفاء والسلامه، ولعله بعد هذه التجربه في عدم الالتزام بالجلوس في البيوت يتذكر بيت من الشعرفي (الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت للحسين بن أحمد بن عبد الله بن البَناَّ، أبو علي، البغدادي الحنبلي:-
وَصَارَ بِالْوَحْدَةِ مُسْتَأْنِسًا ... يُوحِشُهُ الأَقْرَبُ وَالأَبْعَدُ)وربما
ادى ذلك الي ردة فعل يكون لها اثار انطوائية حتى يصل الي عدم حب التعايش مع الاخرين مستقبلا او الي الابدحتى يوم يقوم الناس لرب العالمين كما قال ابو العلاء المعري :
(فَيا لَيتَني لا أَشهَدُ الحَشرَ فيهِمُ..إِذا بُعِثوا شُعثاً رُؤوسُهُمُ غُبرا)
ومما تجدر الاشارة له ان السكوت عن الحديث فيما لا علم للانسان به من رجاحة العقل ولزوم البيوت بإذن الله في اوقات الضرورة آمان،
وليست العُزلة مرضا او اكتئابا كما يتصورها البعض ممن إلفت نفسه عدم الاستقرار والسكينة والهدوء، لذا تجده يتمسك بأن الآجال مكتوبه في عزلة وحظر او غيرها وهذا نقول له لم تأت بجديد فهذا الفهم البسيط يعرفه الجاهليون قبل الاسلام يقول الفتّاك عروة بن الورد:-
أرى أم حسان الغداة تلومني...
تخوفني الأعداء والنفس أخوف...
تقول سليمى لو أقمتَ لسرنا...
ولم تدر أني للمقام أطوف...
وهنا الشاهد (لعل الذي خوفتنا من أمامنا....
يصادفه في أهله المتخوف)
وتقول السليكة ام الفتاك الصعلوك السليك لابنها :- (وَالمَنايا رصدٌ...
لِلفَتى حَيثُ سَلَك)ثم تقول :-
(كلّ شيءٍ قاتلٌ...
حينَ تلقى أَجَلَك)
لهذا كانت نظرة الاسلام للامور كمال رباني في التعبد لله بأخذ الاسباب المشروعه ،
ولهذاربما انني وغيري لسان حالنا مع -تعديل -بيت ابن زيدون ليصبح :-(كُـنّـا نرَى الحجر تُسْلِينا عَوَارِضُه* وَقَـدْ يَـئِـسْـنَا فَمَا للحجريُغْرِينَا)يغرينا الحجر طمعا واملا في انكشاف الغمه عن الامة لهذا لانجد غضاضه في ان نقول كما قال الشافعي رحمه الله :-
(لَيْتَ السِّبَاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً ... وَأَنَّنَا لا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدًا!...
إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَا فِي مَوَاطِنِهَا ... وَالنَّاسُ لَيْسَ بِهَادٍ شَرُّهُمْ أَبَدًا!...
فَاهْرُبْ بِنَفْسِكَ وَاسْتَأْنِسْ بِوَحْدَتِهَا ... تَبْقَى سَعِيدًا إِذَا مَا كُنْتَ مُنْفَرِدًا!!)
او كما قال الأحيمر السعدي:- (عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى...
وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ...
يــرى اللهُ إنـّي للأنيسِ ِلكـــارهٌ
وتبغضهم ْ لي مقلة ٌ و ضميـرُ)
قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - : كان الناس ورقاً لا شوك فيه، وهم اليوم شوك لا ورق فيه.
وقال بعض الأئمة: العزلة عن الناس توفي العرض، وتبقي الجلالة، وترفع مئونة المكافأة في الحقوق اللازمة، وتستمر الفاقة.
هذا في فضل العزلة في الايام التي لا وباء فيها فكيف بها في مثل هذا الظرف انها ضرورة لابد منها حتى نصل بإذن الله الي بر الامان ويزول الوباء وتعودحياتنا اجمل واكمل بإذن الله لا فاقدين ولا مفقودين ، فوعي المجتمع هو احد اهم قناطر النجاة بعد رحمة الله وعنايته .
د. عبدالله بن سعيد الأسمري
Twitter:
DR_AbdullahL
Abdullahalasmari360@gmail.com