• ×

07:20 صباحًا , الجمعة 20 جمادي الأول 1446 / 22 نوفمبر 2024


بائع القهوة يُفضل الشاي بقلم البدراني

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
تركي البدرلني
تركي البدرلني


ليس حقيقةً أنّ مَن يمنح الشيء مكتفياً منه، أو ممتلئاً به، فبائع القهوة -مثلاً- ليس بالضرورة أنه مُحبٌ لها رُبما يفضّل الشايّ، وبائع الورد رُبما لم يُقدّم له يوماً ما وردةً قطٍّ ، وذاك الطبيب المُداوي لِجراحنا رُبما لديه ألمٌ يشكو منه، إنها هي الحياة؛ العطاء فيها لا يعني الاكتفاء، والارتباط بالأشياء لا يعني عشقها، أو الميول لها، فللظروف حُكمها الذي ينقاد المرء طواعيةً له، والتعايش معه من أجل لقمة عيشٍ أو حفظ ودّ، وباعتقادي أنه ليس على الإطلاق أنّ فاقد الشيء لا يُعطيه، فقد تجدُ كثيراً مِن المُتصدّقينَ بالمال هم بالأصل فقراء له، وقد تجدُ من صانعي السعادةَ ذوي حظٍ تعيسٍ .
إذا كنت تنتظر أن تمتلك حتى تُعطي فلن تُعطي، ورُبّما لن تمتلك، إن العطاء مع الفقد ينزلُ مِنزلة العفو مع المقدرة، فتكْمُن لذّته في صعوبته، أولئك الذين يُعطون مِن اِكتفاء؛ لا تمتزج لديهم مشاعر غصّة الحاجة بحلاوةِ الإيثار عند العطاء، وفي المُقابل هم لا يتذوّقون لذّة العوَض حين يأتي.
وعطفاً على ذلك يُعدّ التعايش مع نقائض الرغبات نوعٌ عظيمٌ من أنواع العطاء، كيف لا وأنت تعطي من أعظم ما تملك -وقتك ومشاعرك ومالك- حيثُ تتعايش مع ما لا تريد بأيّ شكلٍ من الأشكال وذلك من أجل الآخرين، أو حتى على الأقلّ من أجل بناء ذاتك .
وإنني أدعوك في مقالي هذا؛ أن تمنح نفسك مساحةً واسعةً للتعايش والتأقلم مع مُعطيات الحياة بما يتوافق مع ظروفك، وأن تمنح قدراتك التحفيز الأقوى، وتُطلق لها العنان؛ لتأخذ من الحياة ما يجعلك راضٍ عنها؛ في حينما يجب أن تُعطي دون تأفّف، بعيدًا عن القلق بشأن المستقبل، وأن لا تعتقد أنه بالضرورة؛ أن يكون العطاء من صُلب الاكتفاء، ومدَّ في بصيرتك إلى ما خلف الكواليس؛ فليس كلّ سعيدٍ بعمله ومعطاء له؛ هو راضٍ عنه، ثمّة فئةٍ في المجتمع تُعطي ليس لأنها تُريد، فباب النّجار مخلوع ياسيدي، لكن النّجار يأتي ليُصلح بابك .
تركي البدرلني

 4  0  5.1K

التعليقات ( 4 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    26 ربيع الثاني 1442 11:47 صباحًا امل احمد حسن الحرز :
    في العطاء حياة لايستلهم لذتها إلا من يعطي فيشعر بغصة السعادة دونما أحد يشعر وهنا تكمن القوة الإلاهية والمدد الرباني
    حفظ الله اياديكم البيضاء من كل سوء...مقال رائع
  • #2
    26 ربيع الثاني 1442 07:53 مساءً تركي الدوسري :
    كم أنت رائع استاذنا الكريم.
  • #3
    5 جمادي الأول 1442 06:33 مساءً Huda :
    فعلأ سيدي،السر في العطاءلايمكن في مجردالعطاءفحسب،بل في احساسك بانك تتحول الى شخص أفضل،نادرون هم أولئك الذين يكون العطاء أحد متعهم الخاصة..سلمت يداككككككك.ودمتا لنا بخير.
  • #4
    18 جمادي الأول 1442 11:58 صباحًا أسماء أفضل :
    العطاء، ولذة العطاء، وتناقض الرغبات، كلمات ومشاعر جميلة بصمت بها كلماتك الذهبية التي صوّرت لنا بكل فخر واقع حياة نعيشها.
    أهنؤك أ.تركي البدراني على تطويعك للحرف ليصل إلى العمق.. عمق القلب والفكر.
    نحتاج لمثل هذه القناعات، ونحتاج لمن يدكرنا بها بين فترة وأخرى.
    شكرا أستاذنا الكريم على هذا العطاء الذي أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك.
    تحياتي؛ أسماء أفضل.

قناتنا على اليوتيوب

محتويات ذات صلة

آخر التعليقات

من القلب الف شكر ابا ابراهيم على جهودك الإعلاميه وتغطياتك المتميزه دوما  اقول لك كفيت ووفيت فعلا
مقصورة #الراجحي تحتفل بـ #اليوم_الوطني_94

20 ربيع الأول 1446 | 1 | | 253
  أكثر  
الف الف مبروك صحيفة وطنيات ومنها للأعلى إن شاء الله عالميه
وطنيات تحصل على العلامة الذهبية على منصة "أكس"

26 محرم 1446 | 1 | | 222
  أكثر  
الطريق لم يتصل ببعضه فكيف يطرح للصيانة قبل اكتماله 
طريق خاط ثلوث المنظر تجرفه السيول والنقل ترد

17 محرم 1446 | 1 | | 333
  أكثر  
سوق الإثنين من الأسواق القديمة جدا وكان إلى وقت قريب يرتاده المتسوقون وحاليا، طاله الإهمال. بلدية ال
بالصور - سوق الأثنين الأسبوعي في بارق بين الأهمال ومُطالبات الأهالي

16 محرم 1446 | 1 | | 200
  أكثر  
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 07:20 صباحًا الجمعة 20 جمادي الأول 1446 / 22 نوفمبر 2024.