د.عبدالله بن سعيد الاسمري
ويزداد جمالا عندما يتحدث من جهة أخرى عن من كان بعد الله السبب في تعلمه أول أحرف الكتابة وأول عبارة تجمعها أنامله على السطر ليصرخ فرحا بها
المربي الفاضل أ/ سعد بن عبدالرحمن بن على بن حمود الشهري
وفي هذا اليوم أجدني ملزما بالكتابة عن استاذنا القدير والمربي الفاضل أ/ سعد بن عبدالرحمن بن على بن حمود الشهري وتاريخه العظيم وسيرته العطرة منذ تعيينه بمدرسة عبدالرحمن الداخل بسدوان عام ١٣٨٧هــ سدوان هذا الوادي الجميل بمزارعه آباره وجباله وشعابه ووهاده وحقوله ومراعيه الذي يجمع بين الدفء في الشتاء واعتدال الجو صيفا إذ حباه الله بموقع جغرافي مميز فهو واسطة العقد لمنطقة قبائل رجال الحجر ( بنو عمرو وبني شهر ثم سدوان اول قبائل بللسمر ثم بللحمر )فجزء منه يرتبط بتهامة ودفئها وسراته تتميز بالجمال المحيط به من حظوة وامتداداته الجميلة شمالا من سد سدوان شمالا حتى السهول لهذا يطيب لي أن أصفه منذ ما يزيد على ثلاثة عقود (بسدوان التأريخ والحضارة)
إذ يقول عنه الهمداني في كتابة صفة جزيرة العرب في القرن الرابع الهجري ( سدوان واد فيه قرية يقال لها رحــــب) وهي قريتي بسدوان بللسمر وبها مسجد الصحابي الجليل معاذ بن جبل التاريخي ووالدي رحمه الله هو المؤذن الرسمي لهذا المسجد من قبل وزارة الاوقاف لما يقارب اربعة عقود حتى وفاته رحمه الله ١٤١٢هـ وفي صحيفة مكة أوضح .
مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الدكتور حجر العماري أنه ضمن الاتفاقية المبرمة بين هيئة السياحة والشؤون الإسلامية للحفاظ على المساجد التاريخية بحسب الإحصاءات الرسمية للبرنامج الوطني للعناية بالمساجد التاريخية الذي أطلق بالشراكة بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.
في حين برز من هذه المساجد مسجد «سدوان» في مركز بللسمر شمال المنطقة (80 كلم عن أبها) الذي يشير تقرير للهيئة إلى أنه بني على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل في السنة التاسعة للهجرة النبوية وهو في طريقه إلى اليمن، وهو مبني من الحجر، وما زالت الصلوات الخمس تقام فيه إلى الآن.
قدم استاذنا الجليل سعد الشهري لسدوان وأنا في طفولتي في الثمانينات الهجرية لم يكن هناك ما يسمى بطريق أبها الطائف المسمى الآن طريق الملك فيصل ، وكانت المدرسة قد افتتحت عام ١٣٨٢هـ تقريبا وسبقه في إدارتها لفترة محدودة فيما أعلم الاستاذ الشيخ طراد بن جرمان رحمه الله والد الدكتور سعيد بن طراد بن جرمان شيخ شمل بللسمر ،وكذلك الاستاذ صالح الغامدي حسب ما نقلت عن عمي اللواء الركن متقاعد عوض بن عبدالرحمن الاسمري ،
وصل استاذنا القدير إلى مدرسة سدوان وهي مدرسة من بيت شعبي منظّم في قرية( ال قشيع ) وهي وسط سدوان وكانت عبارة عن مجموعة غرف متقابلة لها فناء بينها مكشوف وأمامها ميدان يتسع للطلاب والطابور الصباحي .
كانت البيوت شعبية بسيطة جدا وهنا وهناك عدد من الحصون القديمة ذات الأغراض المتعددة.أهم انشطة المجتمع كسائر القرى في منطقة عسير الرعي والزراعة تعاني من المواصلات المتمثلة في طرق جبلية شديدة الوعورة ، لهذا فإن استاذنا القدير فضّل ان يسكن بأهله في سدوان وبقرب مدرسته ومجتمع طلابه.
وفي تلك السنوات وجود الإنسان المتعلم الذي من مجتمعنا مضطر أن يمد يد العون لكل من يطلب مساعدته في كل ما يُقرأ ويُكتب.
التحقت بالمدرسة الابتدائية في ذات المبنى حتى الصف الرابع ثم انتقلنا الي مبنى حديث للمدرسة لم يكن بسدوان حسب علمي قبل ذلك التأريخ الى المدرسة او مستوصف بيت شعبي للشيخ محمد بن عبدالرحمن شيخ ال سريع بقرية ال قزعة به طبيب واعتقد ان اسمه ( سميح) كما روي لي واظنه من الأشقاء فلسطيني الجنسية.كتب حينها أستاذنا سعد بن عبدالرحمن الشهري خطابا بتاريخ ١٣٨٧هـ للأستاذ/محمد صالح الفواز بأبها يصف له وضع سدوان ولخّصه في معاناة الأهالي من المستوى المعيشي والعناية الصحية والفقر
كان جزاه الله خيرا وأطال عمره ينشد من خلالها مبنى مدرسي ومستشفى وضمان اجتماعي يساعد في النهوض بقرى سدوان .فالمدرسة هي الكيان الحكومي الوحيد في سدوان ذلك الزمن.
اضافة الى حمل هموم المجتمع المحلي فإن مما يتميز به استاذنا القدير ما كان يحمله هم لرسالته التعليمية والتربوية برغبة صادقة في تعليم تلاميذه بدافع حب الخير لهم و لمجتمعهم ووطنهم بإخلاص ومودة و إشراقات روحية تربوية دائمة وانشراح كبير وإلتزام أخلاقي وتربوي في بناء شخصياتهم في ضوء التعاليم الإسلامية والروح الوطنية التي تحقق الطاعة لله ثم للمليك والوطن بما يتماشى مع قيم مجتمعنا الأصيل وفق نظرة شمولية متكاملة ومترابطة ورغم تفاوت المسافات بين إدارة التعليم حينئذ كما (قال الزميل أحمد عسيري في صحيفة الوطن عن الشيخ سعيد بن محمد الغماز حيث قال :تضم آثاره التي يمتلكها الأستاذ إبراهيم الغماز وأسرته: خارطة بالألوان سماها (مقاطعة أبها)، لوحة فلكية رسم عليها دورة النجوم والأبراج مع شروحاتها، خريطة سماها (جبل عسير)، لوحة رصد عليها أكثر من (200) مثل وسماها (أمثال عرب الجنوب) والشاهد أن ذلك الزمن لبعد المسافات يسمون المدن مراكز وأبها كما سبق في كلام الاعلامي احمد عسيري ،
من سمات استاذنا القدير الاستاذ سعد اخلاقه العاليه وجديته في العمل وحكمته وتحدثه كمتعلم له مفرداته واسلوبه الجميل في حديثه الهاديء المتزن حكيما
ومما اتذكره وجيلي الذي تواصلت مع معظمهم قبل كتابة هذه الأسطر
حرص استاذنا القدير على العمل الخيري بما يجلبه للطلاب اثناء اوقات الشتاء من وسائل التدفئة داخل الفصول وكذا ملابس وغيرها كعمل خيري لن يُنسى .
كما أنه رعاه الله كان شديد الحرص على ان يكون ابناء سدوان على قلب رجل واحد بعيدا عن تحزبات اي طالب لقريته مما يسبب الشجار والتباعد فرغم ما يتميز به من حلم وأناة إلا أن هذا الموضوع كان من يقحم نفسه فيه يجد اقسى العقوبات .
اهتم رعاه الله بنافي الجناب التعليمي فأفتتح مرحلة تعليم الكبار وهذا تطلب جهدا مضنيا في وصول مولد الكهرباء وأعتقد ان هذه الخطوة كانت او مصباح كهربائي في سدوان تلاه بعد عدة سنوات عدة مولدات للكهرباء بسدوان كما
كان يشرف بنفسه على أدائها داخل الصفوف ثم بملاحظاته بعد انتهاء اليوم الدراسي ولم يكن ذلك يكلفه الا الوقوف بعد العصر بعض الوقت ليُدوِنَ ملاحظاته عنا أو أثناء ممارسة رياضة المشي التي لم نكن ندركها ونظن أنه يراقبنا عصرا.
كانت مدرسة سدوان في عهده (ومازالت )ترعى الأنشطة اللاصفية في المسابقات الرياضية مع بقية مداس القطاع واشتهرت مدرسة عبدالرحمن الداخل بتحقيق الفوز في أغلب المسابقات وخاصة في كرة الطائرة وسدوان حتى تاريخه يشتهر بالتفوق في مسابقات كرة الطائرة.
في أسبوع المساجد يوزع الطلاب والمعلمين للعناية بالمساجد وتنظيفها وشاركنا فيها على امتداد سنوات ومراحل الدراسة ، وبمبادرة منه رعاه الله.
وذكرته بأنه كان يكتفي بمبلغ يسير من طالب واحد عنه وعن اخيه فتذكرها جزاه الله خيرا ، بل انه بعد ان اعتمدت الوزارة التغذية المدرسية ، ولتغيب البعض من الطلاب وزيادة الوجبات المدرسية ، وعند وصول دفعة اخرى اضافة الي ما في المستودع من الوجبات وفي ظل عدم ثلاجات تبريد او اماكن تخزين ذا جودة عالية يقوم بتوزيعها على الاسر المحتاجة ذات العدد الكبير من الابناء فهو عمل من اعمال الخير الذي تؤيده دولتنا وحفاظا على التغذية من تراكمها وفسادها .
بالتعاون مع مكتب الزراعة بللسمر كنا من أنشط المدارس في أسبوع الشجرة وهي التي دفعتني والزملاء إلى مشروع تشجير سدوان قبل بضع سنوات ،
ومن الانشطة المدرسية التي غلب عليها الجانب الانساني منه رعاه الله الرحلات بالطلاب مشيا على الأقدام وتناول طعام الفطور والغداء
وذكرته بأنه كان يكتفي بمبلغ يسير من طالب واحد عنه وعن أخيه فتذكرها جزاه الله خيرا ، بل انه بعد ان اعتمدت الوزارة التغذية المدرسية ، ولتغيب البعض من الطلاب وزيادة الوجبات المدرسية ، وعند وصول دفعة اخرى اضافة الي ما في المستودع من الوجبات وفي ظل عدم ثلاجات تبريد او اماكن تخزين ذا جودة عالية يقوم بتوزيعها على الاسر المحتاجة ذات العدد الكبير من الأبناء فهو عمل من اعمال الخير الذي تؤيده دولتنا وحفاظا على التغذية من تراكمها وفسادها .
وخلال مراحل عمله رعاه الله اكتسب حب المجتمع فبالإضافة إلى ارتباطه بوالده رحمه الله بين الحين والآخر وقبيلته الشعفين إلا انه كان يشارك المجتمع في سدوان خاصة وبللسمر بوجه عام في أفراحهم وأتراحهم وبما أن والدي رحمه الله كان احد العاملين في المدرسة على بند الأجور إلا أن أستاذي رعاه الله كان يقدمه للحديث نيابة عنهم اذا ذهبت ادارة المدرسة والمدرسين لاي مناسبة اجتماعية خارج الدوام بفصاحته وجرأته ووجاهته اجتماعيا رحمه الله ( وهذا كلام استاذي الفاضل نقلته عنه وكتبته فقط)
كما أن أستاذنا الجليل وفقه الله نال حب طلابه الذين هم الان كبار اهالي سدوان ومنهم شيخ قبيلة ال سريع اللواء الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الاسمري إذ يقول ( الأستاذ سعد من خيرة من تعلمنا على أيديهم جزاه الله خيرا واذكر ان اختبار المرحلة الابتدائية كنا نختبر الشهادة في بللسمر مما كان يتطلب منه اعدادنا لذلك الاختبار وكان يبذل معنا جهودا في التهيئة والإعداد وطمأنتنا فله جزيل الشكر والتقدير )
ومن طلابه الذين عملوا في التدريس ثم الإشراف التربوي والتدريب وتقاعد كاتب هذا المقال ومن الذين عملوا مدراء بنفس المدرسة و احيلوا للتقاعد شيخ قبيلة آل زيد القائد التربوي. الفاضل /سعيد فهران الاسمري ووكيل المدرسة المربي الفاضل الاستاذ/سعيد بن ناصر بن سعيد الاسمري واعتقد انا ابناؤه الدكاتره الدكتور ناصر وأ/ عبدالله والدكتور فهد والدكتور أحمد كانوا طلابا عند الاستاذ سعد رعاه الله
وكذلك من طلابه المربي الفاضل مدير المدرسة المتقاعدالاستاذ محمد عبد الرحمن الاسمري
ومن القياديين الذين ايضا درسهم أستاذنا سعد رعاه الله
الاخ اللواء /عبدالله بن ناصر بن معتق الاسمري واللواء ركن /محمد بن علي بن عبدالرحمن الاسمري
ومن العمداء ابن العم العميد عبدالله بن عوضة بن ناشع الاسمري
والعميد/ عبدالله بن مردح الاسمري
والعميد علي بن عبدالله بن محمد الاسمري وشقيقه العقيد محمد
والعميد-محمد بن راشد والعميد متقاعد محمد بن عبدالعزيز الاسمري وشقيقه العقيد منصور
وأما في المجال الصحي فمن طلاب استاذنا الاخ الجليل الدكتور منصور بن محمد بن ظافر الاسمري عمل مديرا لمستشفى النماص سابقا ثم بسفارة المملكة لثمانية أعوام بالفلبين ثم ملحق ايضا بسفارة المملكة بالهند ومن اميز الطلاب
البرفيسور سامي بن راشد بن رفدان الاسمري
ومن طلابه الاستاذ/ ظافر بن محمد عوضة . نائب رئيس بلدية النماص حالياً
والاستاذ محمد بن سعيد الأسمري مدير مكتب الأوقاف بللسمر .
والمربي الفاضل المتقاعد الاستاذ عبدالله بن غرامة عبدالرحمن الأسمري .
ومن المهندسين المتقاعدين محمد بن مردح الاسمري متقاعد خريج جامعة البترول
والمهندس متقاعد : عبد الرحيم بن غرامة عبدالرحمن الاسمري .
والمهندس/ سعيد محمد ظافر ال جبران الاسمري جامعة الملك سعود متقاعد ومن المحاضرين بالمؤسسة العامة ابن العم علي بن مداوي بن عبدالرحمن الاسمري
وأعتذر لكل القيادات الادارية والتربوية والعسكرية من ابناء سدوان اذا لم يتسع المجال لذكرهم جميعا فهم جميعا على العين والرأس وإنما المألوف في هكذا مقال هو العودة بالذاكرة قليلا مع استاذنا الكريم وإدخال السرور على نفسه وايصال حبنا وتقديرنا له ولكافة من درسنا على ايديهم في جميع مراحل الدراسة من ابناء الوطن او من الاشقاء العرب لهذا آمل من احبتي ان يجعلوني في واسع العذر وان يشملوني بكريم عفوهم ولهم كل الحب.
ولولاة أمرنا رعاهم الله كل الشكر والعرفان إذا ان سدوان الان لا يختلف عن مدن المملكة مدارس على أحدث طراز معماري وكذلك مركز الرعاية الصحية والطرق والمياه والهاتف والكهرباء وإنارة والمساجد والجوامع الحديثه و الطرق وسد سدوان الجميل وكذلك على مقربة من سدوان فرع جامعة الملك خالد
وفي ختام التّطواف عبر الزمن مع هذه القامة التربوية التي لم أوفيها حقها من الثناء الذي يستحقه لأنه وكافة من يعلم العلم في مدارسنا وجامعاتنا جديرون بالثناء على مر الأزمان يقول أمير الشعراء احمد شوقي:-
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
وما ذهب إليه شوقي من احتفاء بالمعلم، بوصفه منبع كل خير يستقيم مع الحديث النبوي الشريف : «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ».
وشوقي يمثلنا جميعا في قصيدته التي اجتزأت منها بيتا فالمعلّم حينما يجودبتعليم غيره ما تعلمه فإنه حينئذ يستحق المديح بل لن اكون مجانبا للصواب اذا قلت انه اولى من الكريم لأن الكريم لا يجود بماله ليكون الناس مثله كرماء بل شىء يختص به دون غيره وإن كان كرمه يصل الاخر ..
فكيف اذا جمع الله للإنسان بين تعليم الخير والكرم بمفهومه الشامل
كما هو لاستاذنا رعاه الله بما لا يخفى على أحد فضله وجوده وكرمه كما يقول البحتري:
وما تخفى المكارم حيث كانت
ولا أهل المكارم حيث كانوا
جانب من سدوان بللسمر
الايميل : abdullahalasmari360@gmail.com
تويتر : DR_abdullah_
وأن أبلغ مايقال من الثناء لصاحب المعروف هي كلمات "جزاه الله خير الجزاء "
فما ذُكر بالمقال لا يكفي بكلمة معروف بل هو علم وحلم وتربية و وتعليم ومعروف وإحسان.
فهنيئاً لصانعه وشكراً لمُثنيه
لمحة وفاء طبيعية غير متكلّفة من رجل الشهامة والكرم الدكتور عبدالله بن سعيد الأسمري تجاه أحد روّاد التعليم من الرعيل الأول في المنطقة الشيخ الوالد سعد بن عبدالرحمن الشهري جزاه الله خيرا وأمدّ في عمره على طاعته
وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل، ومن تربّى على شكر المعروف، اعترف بفضل الآخرين عليه، فشكر الله للدكتور عبدالله هذه المقالة الرصينة الطيبة، وجعلها في موازين أعماله