بقلم الأستاذ عمر بن ناصر الأسمري
الأذان للصلاة في عصرنا الحاضر اختلف عن وقت مضى فلا منبه ولا جوال ولا كهرباء ولا تكييف ولا مياه معتدلة.. (الزمن الماضي ساده الود والأحترام والحياء بين أفراد مجتمعه التكاتف) وحديثنا عن الماضي العريق فيحضر الجماعة لأداء صلاة الفجر مفتاح يومهم فيصلي الأغلبية ولا يعلم من بجانبه من الظلام إلا لجتمع طاري أو كان وقت الصلاة صيفاً وبحرم المسجد وعند وضوح ضوء القمر أو ولوج نور الصبح وتنفسه وكذلك الحال لصلاة العشاء.. ( المنافقين لا يحضرون تلك الصلوات لثقلها عليهم ولأن المجتمع لا يدرك الحضور إلا أوقات الصلوات الأخرى) فكان يرفع الأذان بدون مكبر مستعملاً منارة مرتفعة أو من أمام المسجد أومن على سطح المسجد.. ويطبق المؤذن سنن الأذان وتختلف نبرات الأصوات بحسب المقامات المختلفة بحسب البيئة ما بين النجدي والحجازي والجبلي.. التي افتقدها اليوم الكثير من المؤذنين كما عم داخل بعض أسوار البلدات والمدن الطواف الذي يطوف وينادي بالسحور (مكةالمدينةجدة..) لقرب وقت الإمساك ويسمى (مسحرتي..) ويعتمد في الأوقات على الزوال والغروب وبيان الخيط الأبيض من الأسود بدقة متناهيه مبتعداً عن التوقيت الاكتروني الحديث وعند أعلان دخول شهر رمضان فيتم أطلاق أعيرة نارية تنتقل من مجتمع لمجتمع لإعلان دخول شهر رمضان ولا يصل الخبر لبعض المجتمعات إلا أوقات الضحى فيمسك الناس لإتمام الصوم وسبب ذلك لعدم وضوح الرؤية من ضباب أو غبار(ولم تكن الإذاعة وجدت_ الراديوا_) وفي المدن الكبرى يتم أطلاق ضربات المدافع لأعلان الإفطار من القلاع المرتفعة ليجتمع الكل لتناول وجبة الإفطار معتمد على مزارعهم وحقولهم (بما يعرف اليوم بالزراعة العضوية) معتمدين على الأوقاف وما يقدم الأهالي لإكرام المسافرين والجماعة والضيوف وتعقد الصلوات فلا تسمع إلا هدوء للقراءة داخل المساجد أو في حرام تلك المساجد فلا تسمع إلا صوت ينبع من أصله بلا تفرعات فيعيش المجتمع في ليالي وأيام جميلة هادئة بسيطة يعمها الفرح فلا تكلف عند الأفطار بل إذا وجد ما يؤكل فنعمة كبيرة وأوقات الصلوات الأخرى يقضونها في مزارعهم وأعمالهم.. وأغلب اجتماعهم في صلوات المغرب والعشاء والفجر وقد يجتمعون أوقات الأمطار وبعض الأيام للجلوس بعد الصلاة للتندي(ناديهم) بعض الوقت وتداول العلوم وما يسري من أخبار في المجتمعات المجاورة..
أنت تعيش مع مجتمع إذا أنقطع المطر يجتمع الكل الرجال والنساء والأطفال والبهائم للصلاة خارج القرية فيؤدون صلاة الأستسقاء وطلب الغيث وعند نهاية الصلاة يطبقون السنة ثم يمد الجميع أيديهم يقسمون بأنهم لا يحملون حقد وغل بعضهم على بعض فلا يأتي أغلب وقتهم إلا والأمطار تنهمر والرحمة تنسكب فتعم الفرحة وتعج القرى بالحمد والشكر..
وصلاة الأعياد لا تختلف فيسلم الكل على بعضهم البعض ويسيرون جماعات مباركين بعيدهم يصافح بعضهم بعضاً فلا غيض ولا خصام بينهم وأغلبهم لا يعود لبيته إلا وقت الظهر أو العصر لأن مجموعة من القرى تجتمع في صعيد واحد للصلاة فلا يمكن أن يعود وفي طريقه أحد إلا زاره وعايد عليه..إلا وقت عيد الأضحى فيؤدون صلاة العيد ويسلمون ثم يتجهون لبيوتهم لذبح الأضاحي ثم يجتمعون كل وجبة لكل بيت دول يتم تحديده ثم يبرز الفلكلور الشعبي لكل بيئة للسمر وتكون ليلة ثقافية يتبادل الشعراء المدح والحمد .. والنجاح الاجتماعي يعود لقانون العادات والتقاليد الضابط الاجتماعي المميز الذي جاء الإسلام مؤيد له فله أدوار كثيرة متعددة فعالة منها منع الخصومات وتنكيل المخطي فلا نكال إلا زال الخصام ونشرت المحبة فإذا حضر الناس للصلاة والاجتماع للصلح في المسجد أو حرم المسجد أو مكان في البيئة المحيطة أو مجلس معين.. فلا مجاملة لأحد كان من كان كبيراً أو صغيراً أبيض أو أسود فيقول الحق بلا لاوياً ونفاق وخداع وشوفت نفس وتكبر وغلظه ويفرض الحق لصاحب الحق ولا يرضى أن يعين ظالم لأخذ حق محق أو يقول أشوف المطلق واحطها في جنبه فذلك أعانت للباطل ونشره ولا يقبل المصلحه ذلك لأنه ارتضوا الصلح لله في الله ووجب عليهم وضع الأمور في نصابها والبحث فيها من قريب وبعيد.. فلا تعجب من هدؤ صلاتهم وصلاح أنفسهم وصدق منطقهم وجمال مساجدهم وبساطتها فكانت حجارة وطين مستوحات من بيئتهم واليوم نختلف تماماً عن الماضي الجميل فكيف لنا أن يعود أسلوب حياتهم الحضاري العريق بصفاء النواى وتركها لرب البرايا لنعيش عيشة الهناء والسعادة
بقلم الأستاذ عمر بن ناصر الأسمري
21 شعبان 1442 07:25 مساءً
0
0
2.2K