
بقلم ملاذ البراهيم
( نعتذر .. لقد نفذت جميع تذاكر الدخول ، أرجو إلتزام الهدوء وعدم مخالفة الأوامر ) ، هذا ما قاله المسؤول عن بيع التذاكر بعد أن إكتظ المكان بالحاضرين.
أما أنا .. فما زلت أتذكرك حتى هذه اللحظة عندما دفعت ذلك المسؤول وألقيته أرضًا وسط ذهول الحاضرين وجميع القائمين على العمل ، ولكنك كعادتك لم تأبه لشيء ، ركضت نحو المقاعد الأمامية وعينيك الضيقة تبحث عني بين جموع الممثلين ، حتى أصابك اليأس من البحث وجلست بهدوءٍ تام ..
أتذكر أنني تظاهرت باللامبالاة وبالعمل حتى أدّعي التجاهل ، لكنني أسترق النظر إليك بين الفينة والأخرى ، وكأنني أُعيد الأمان لنفسي وقلبي..
بدأ عرض المسرحية ، وتصدرت أنا خشبة المسرح ، كنت مُطرقةً رأسي وقلبي يتوجّس ، وما أن فُتح الستار رفعت رأسي وإلتقت عينيّ بشوق عينيك ، سرت رعشةً قويةً بجسدي ، أخذت نفسًا عميقًا وأغمضت عينيّ بشدة وأطرقت مرةً أخرى ..
تقدم إليّ أحد الممثلين لبدء المسرحية ، وأمسك بيدي بقوة كما أمره المخرج ، حينها رفعت رأسي لرؤية الجمهور ووقعت عينيّ على الشرار المتطاير من عينيك غضبًا ، شدني ذلك العرق البارز في جبينك ، وحاجبيك العابسين ، تركت يديه فورًا بعد أن شعرت أنك تتزحزح من مقعدك دون أن تشعر ، خرجت عن النص وأفلتّ يدي من يد الممثل ، عندها.. رأيت المخرج يرسل أشارات بيديه قاصدًا إستئناف المشهد ، تجاهلت المخرج وهو يحدق لي بعينيه حتى كادت تخرج من محجريهما ، وهو يتصبب عرقًا خوفًا من فشل المسرحية .
جذبتني حدة ملامحك الغاضبة ورعشة يديك وإحمرار وجهك ، فوددت لو أنني أقترب منك لأُهدئك ، نظرت إلى المخرج ولوّحت له بيدي إعتذارًا عن إكمال المسرحية ، تقدمت بخطواتي نحوك وأمسكت بيدك وإتجهت نحو بوابة الخروج ، ألقيت نظرةً على المسرح فوجدتهم قد أغلقوا الستار وسط تذمّر الجمهور ، وإعتلى صوت المخرج بقوله( أُلغيت المسرحية )
المسرحية في الصورة الذهنية لنا غالبا ماترتبط بالفكاهة او الضحك او السخرية إذا استثنينا مسرحيات شكسبير التي عالجت الغيرة والجحود والشك في بعض مراحلها..
لكننا هنا امام عنوان يقول لنا ان الحكاية مؤلمة بشكلٍ هزلي ساخر
انها نوع من الكوميديا السوداء من جلد الذات من التطهر بالالم والخلاص . يكمن المفتاح في كلمة (لنفترض) ثم تتوالى بعده
الاحداث ، إذن الاحداث افتراضية وكأن مايُقدَم لنا هنا هو عبارة عن (بروفة ذهنية) للحكاية.
مالذي يجعلنا نلجأ لهذه البروفة الذهنية ؟
السبب هو أن ماحدث حقيقي جدا ولكنه مؤلم موجع يشل القلب والروح عن الحركة عن الشعور بالسعادة عن المضي قدما في الحياة التي توقفت عندما انكسرنا في طريق الحب ، هنا كان لابد من العودة بالزمن الى البدايات لنعرف اين حدث الخلل في قصة حبنا ولأن العودة بالزمن للماضي حلم عجز عن تحقيقه الانسان كانت البروفة الذهنية
هي الحل للشفاء انها بمثابة الاطراف للقلب المشلول حزنا
ليتحرك ليقاوم ليتجاوز المأساة بل ليسخر من المأساة .
ان احداث هذه القصة ليست هي القصة الحقيقية لحبنا بل هي ما كنا نتمنى ان تكون عليه قصة حبنا البائسة
أسعدني تعليقك أخي محمد التركي
راق لي تعليقك همس لك شكري