د. عبدالله بن سعيد الاسمري
بهذا يجد الانسان لحياته معنى آخر يسمو به في فضاءات الشعور العاطفي الذي يشعُ بالتفاؤل والشعور الإيجابي
والسعادة التي تحيط به ويغمر بها المحيطين به .
قال ابن منظور : أمل: الْأَمَلُ وَالْأَمْلُ وَالْإِمْلُ: الرَّجَاءُ; الْأَخِيرَةُ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَالْجَمْعُ آمَالٌ.
وَأَمَلْتُهُ آمُلُهُ، وَقَدْ أَمَلَهُ يَأْمُلُهُ أَمْلًا; الْمَصْدَرُ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَأَمَّلَهُ تَأْمِيلًا، وَيُقَالُ أَمَلَ خَيْرَهُ يَأْمُلُهُ أَمْلًا، وَمَا أَطْوَلَ إِمْلَتَهُ، مِنَ الْأَمَلِ، أَيْ أَمَلَهُ، وَإِنَّهُ لَطَوِيلُ الْإِمْلَةِ أَيِ التَّأْمِيلِ; عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، مِثْلَ الْجِلْسَةِ وَالرِّكْبَةِ. وَالتَّأَمُّلُ: التَّثَبُّتُ. وَتَأَمَّلْتُ الشَّيْءَ أَيْ نَظَرْتُ إِلَيْهِ مُسْتَثْبِتًا لَهُ. وَتَأَمَّلَ الرَّجُلُ: تَثَبَّتَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّظَرِ.
ولتقريب مفهوم الأمل يمكن القول انه الإيمان برحمة الله وما يتبعه من شعور يُسكب في الروح السكينة فيجعلها متصلة بالله مما يبعث في النفس الانشراح في وقت الضيق والأزمات بحيث يصبح القلب معلق بالله وحده مع السعي في الحياة وفق الاسباب التى اباحها الله للانسان في مسيرة الحياة بمفهومها الشامل.
إن الأمل الذي ينتج العمل والتحفيز والإقبال على متاعب الحياة ليس ذلك الذي نهى عنه التوجيه القراني في قوله تعالى :
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ، لان المراد من يلههم الأمل هنا أي يشغلهم عن الطاعة . يقال : ألهاه عن كذا أي شغله .
ولا شك ان الابتعاد عن الطاعه
ادنى درجات الاحباط واليأس Despair التي تصيب الانسان الفاقد للأمل في مقتل إثرالعواطف السلبيه والنفسيه التى تؤدي للاكتئاب والضنك وضيق الحال والمآل يقول الطغرائي :
أعلل النفس بالآمال أرقبها * ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
فعلا ما اضيق العيش بل والحياة اذا خلت النفس من أمل دنيوي يحقق خيري الدنيا والآخرة ونهضة الوطن .
ويجعل الانسان فاعلا في في مجال عمله ومنتجا في مجتمعه
منسجما مع طموحات ولاة امره
فيما يعود بالنفع عليه وعلى الاجيال من بعده
يقول خليل مطران :
إن تقضي طيب الحياةِ فما معنى … حياة قد أقفرت من مراد
إن الإتزان في الآمال والطموحات وفق قدرات الانسان
تجعله يعي مستوى قدراته
فلا يطلق لها العِنان بشكل متهور غير مدروس ولا يتكبل بها لظرف اصابه فيضل مرتهنا له كما قال المتنبي :
لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِث * ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ
فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ * وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ
ومن أجمل ما يمكن قوله قبل الختام بأن للآمل الذي هو بلسم الألم سقف ونهاية
وأجل ينتقل فيه الانسان من مرحلة الي أخرى يقول النابغة الشيباني وهو شاعركان يقيم بالبادية في عصر الدوله الامويه :
كم من مؤمل شيءٍ ليس يدركه
والمرءُ يُزْري بهِ في دهرِهِ الأملُ
يرجو الثراء ويرجو الخلد ذا أملٍ
ودون مايرتجي الأقدار والأجل
الأمل دواء يسمو بالنفس وتصفو به الحياة صحةً للروح والعقل والجسد قال ابن حجر: في الأمل سر لطيف؛ لأنه لولا الأمل ما تهنى أحد بعيش، ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنيا
وقال ابن القيم: للحياة حدان: أحدهما: الأمل، والآخر: الأجل، فبالأول بقاؤها، وبالآخر فناؤها
أتمنى للجميع التفاؤل والأمل
والله الموفق.
والأمل بلسم لكل نفس تطمح لتغيير الحال وحسن المآل ،فهو فسحة للنفس المتعبة من مكابدة الحياة لحياة يتحقق فيها الرضى والطمأنينة
وسبحانه من جعل حياة المؤمن كلها خير إن أصابه خير شكر وإن أصابه ضر صبر
قيل للإمام أحمد متى نرتاح من العناء فقال في أول خطوة في الجنة أو حول هذا المعنى
لقد انبنت الحياة على الكدر ولن تصفو ولو اردناها خالية من الكدر
غفر الله لنا ولكم ولوالدينا وحقق أمانينا