أ د. صالح بن سبعان
وهذا الوضع يتيح لكل عضو في لجنة القطاع المعين أن يكون ملما بكل حقائقه ووقائعه ومطلعا على تفاصيله، وبهذه المثابة فإنه، وبحكم ابتعاده النسبي عن تفاصيل العمل اليومية بالوزارة التي تختص بالقطاع المعين، يكون أقدر من المشرفين والمنفذين للخطط والبرامج على الرؤية الكلية الواضحة للعملية في شموليتها.
لذا فإن الفائدة من إطلاع اللجنة على خطة الوزارة أو القطاع حال إعدادها قبل إجازتها النهائية من مجلس الوزراء يمكن أن يحقق فوائد جمة، إذ قد تضيف إليها أو تحذف منها أو تقترح تعديلات معينة عليها، مما فيه فائدة الجميع، سواء على الخطة أو برامج العمل.
وبعد إجازة الخطة وميزانيتها النهائية من مجلس الوزراء ووضعها موضع التنفيذ يجب أن يكون من ضمن عمل المجلس الاستشاري عبر لجانه القطاعية متابعة تنفيذ البرامج في مراحلها المختلفة عبر تقارير ملخصة وذلك للمتابعة، دون تدخل في برامج العمل، حتى تستطيع اللجنة تكوين فكرة واضحة عن سير العملية، وتسجيل ملاحظاتها.
وفي نهاية السنة المالية يقدم المجلس عبر لجانه القطاعية المتخصصة تقريره لولاة الأمر عن مجمل ملاحظاته، ثم يطلع على تقرير الوزارة أو القطاع عن الأداء السنوي، كما وله الحق في مساءلة الوزير عن ما تم إنجازه من الخطة والميزانية السنوية، وما لم ينجز، والأسباب التي أدت إلى عدم إنجاز ما لم يتم إنجازه.
وأعتقد أن هذا الشكل من التطوير لعمل المجلس الاستشاري، يمنحه المزيد من الصلاحيات، سيعطي المجلس المزيد من الفاعلية للمشاركة في وضع الخطط والبرامج، كما أنه سيعطيه الحق في المتابعة، وسيوفر المزيد من تفعيل العملية الاستشارية.
كما أعتقد أن المجلس الاستشاري كصيغة تستمد جذورها من مفهوم الشريعة الإسلامية، كما تستند على الأعراف العربية الموروثة، حيث يعتبر التشاور والتناصح من أسس المنهج "الإسلامي العظيم " الذي جسده وعمل به" الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن "طيب الله ثراه " ، حيث تسود الشفافية والوضوح في مناقشة القضايا العامة، قابلة للتطوير بشكل دائم ومستمر. فهي ثابتة كمبدأ، ومركوزة في وجداننا.. إلا أنها متحركة ومتغيرة كأسلوب، وآليات، وممارسة، ويمكن أن تنقل من المستوى الخاص، المحدود.. إلى العام اللا محدود.
وأن تطويرها حسب متطلبات حركة المجتمع والعالم المتغير لهو الضمان الوحيد لإبداع صيغ من العمل والإدارة تستمد جذورها من صلب عقيدتنا وتقاليدنا وأعرافنا، بدلا من اللهاث وراء كل ما تنتجه مصانع العقول في الغرب من مفاهيم وقيم، وأساليب علم وإدارة تكون في النهاية هي محصلة تجربة مجتمع آخر.
ولا أحد يماري في أن هذا التطوير يأتي الآن وقته تماما في ظل المستجدات العالمية، وفي ظل هجمة العولمة ومقتضياتها السياسية حيث أصبح العالم بيتا – لا قرية – واحدا مفتوحة أبوابه ونوافذه على الآخر بشكل غير مسبوق من قبل.
وأن هذا الواقع العالمي يفرض علينا أمرا آخر أستطيع صياغته في الشكل الآتي: وهو أن تقوم أجهزة إعلامنا، خاصة المرئية منها، بنقل وقائع بعض جلسات مجلس الشورى "على الهواء مباشرة " التي تناقش قضايا تهم المواطنين بشكل مباشر.. ويدعوني إلى طرح هذا الاقتراح أمران: أولهما تنوير المواطن بعمل وظيفة هذا المجلس، إذ أن الكثير منهم يجهل ذلك، بعد أن غيب عنهم هذا الدور الحيوي الذي ظل يلعبه مجلس الشورى. وبعضهم يظنه أشبه ما يكون بديوانية فارغة بلا محتوى، وأن عضوية المجلس إنما هي شرفية، وأنها لا تؤدي سوى دور الوجاهة الاجتماعية لعضو المجلس.
أما الأمر الثاني فيتمثل في زيادة جرعات التربية الوطنية لعامة أفراد المواطنين، وزيادة وعيهم بالشأن العام بعد أن كادت الهموم الشخصية والذاتية الضيقة أن تبتلع كامل وعيهم.. فليس المواطن وحده الآن من نريد أن يطلع على عمل المجلس، بل والعالم كله نريده أن يطلع عليه.. وأراهن على دور المرأة السعودية لتلعب دورا فاعلا !