أ.د صالح السبعان
لقد شابت طفرتنا التنموية والتحديثية [ الأولى ) بعض الأخطاء وكان لابد وأن تحدث لأن حجم الطفرة الكبيرة، والمدى الزمني الذي تمت فيه، وهو قصير جداً بكل المقاييس.
كان لابد وأن تحدث، فيه بعض الفجوات والهنات وأوجه القصور هنا وهناك. فالطموح كان كبيراً والهمة عالية، ولكنا في سباق مع الزمن لضغطه وإختصاره.
إذن فليبدأ العمل من هنا، لمعالجة الأخطاء وأوجه القصور التي لازمت تلك النقلة التحديثية وتلك التي تمخضت ونتجت عنها.
وإن معالجة هذه الأخطاء تحتاج منا شجاعة أخلاقية وجرأة فكريه وفق المناهج العلمية لملامستها بوضوح والإعتراف بها، ومن ثم وضع الحلول الملائمة لها.
فبدون الإعتراف بهذه الأخطاء والعمل علي معالجتها سيستمر تعثر مسيرتنا التي يجب حسب المعطيات المتوفرة، أن تنطلق بسرعة أكبر وتحقق إنجازات أعظم.
وفيما أعلم – وقد أوضحت هذا أكثر من مره – وخاصة في كتابيّ (مغامرة التنمية والتحديث)، فإن الأخطاء التي لازمت الطفرة من ناحية ونتجت عن الطفرة من ناحية أخري، أفرزت العديد من الظواهر السلبية، ورسخت الكثير من القيم والمفاهيم والسلوكيات التي يجب علينا رصدها والعمل علي تصحيحها، وإحلال بدائلها، حتي يستقيم مسارنا.
النقطــة الثانيـــة
ثالثــاً: إننا نحتاج إلي نقلة – ولا أقول طفرة – ثانية، نقوم فيها بتحديث مؤسستنا ونظمها وترسيخ القيم المؤسسية، وتفعيل ما هو مواكب من نظمنا وإصلاح وتطوير ما يحتاج إلي ذلك.
يجب أن نعي أننا كدولة وكمجتمع مقبلون مع العالم كله مرحلة جديدة في تاريخ الجنس البشري، وأن هناك العديد من الإهتزازات والزلازل العالمية التي تحدث الآن بسبب التطور النوعي الهائل في تقنية المعلوماتية وثورة الإتصالات، والإكتشافات العلمية المذهلة بعد فك الشفرة الوراثية، وإرتياد الفضاء، وطوفان العولمة الإقتصادية والثقافية والسياسية الذي لن ينجو مجتمع ولن تنجو دولة أو ثقافة من تأثيراته التي إنتهكت الخصوصيات الثقافية والقومية.
ولن تصمد في وجه هذا الإعصار إلا الدول والمجتمعات القوية ولا سبيل لتحقيق قوة الدولة إلا بتحديث المؤسسات وترسيخ القيم المؤسسية وإشاعة الثقافة المؤسسية، وتفعيل النظم لتعمل بطاقتها القصوى.
وثمة الكثير هنا مما يمكن أن يقال عن كل أوجه الدولة ومؤسساتها وقطاعها الأهلي، وقطاعاتها الإقتصادية والثقافية والتعليمية والإجتماعية،