• ×

06:46 صباحًا , الأحد 20 جمادي الثاني 1446 / 22 ديسمبر 2024


الرياض - أعادة تاهيل الأحياء القديمة بعد احداث " منفوحة"

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

التحرير
وطنيات - متابعات - محلية



قفز حي "منفوحة" إلى واجهة الأحداث المحلية والعالمية مؤخراً مستعيداً بذلك بُعده التاريخي، الأمر الذي جعل اسمه يتردد عبر العديد من وكالات الأنباء متصدراً منقولات مواقع التواصل الاجتماعي وأحاديث المجالس بطولها وعرضها، ليس مع طربيات شاعره الجاهلي "أبو بصير الاعشى" هذه المرة ومعلقته الشهيرة "ودع هريرة إن الركب مرتحل"، ولا معارك "دهام بن دواس" أو حتى سطوة "راع الأجرب" الإمام "تركي بن عبدالله" -مؤسس الدولة السعودية الأولى-، وإنما بسبب نوع من الشغب والفوضى الغريب على بلادنا ومجتمعنا من قِبل بعض المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل من أبناء الجالية "الأثيوبية" الذين سكنوا هذا الحي القابع في قلب عاصمتنا الحبيبة "الرياض"، فتكاثروا وتناموا داخله يحمي بعضهم بعضاً على مدى سنوات عديدة.

واللافت أن هذا الحيّ كان يُدار بواسطتهم ويتحكمون بالداخلين والخارجين منه وإليه محاولين بذلك الاعتماد على أنفسهم في قضاء حوائج ملحة يمكن أن تكشف وضعهم، لدرجة أن جهود التصحيح كشفت مؤخراً أن هناك قابلات وعيادات توليد متكاملة داخل الحي تُعنى بشؤون المخالفين الذين لا يستطيعون مراجعة المستشفيات؛ خشية إحالتهم إلى جهات التحقيق التي قد تطلب منهم أوراقهم الثبوتية، وبالتالي ينكشف أمرهم ويتم إبعادهم.

طفرة اقتصادية

كان هذا الحي إلى ما قبل (40) عاماً أحد أشهر أحياء "الرياض"، إن لم يكن أشهرها على الإطلاق ومن أكثرها حركة بأبنائه ونشاطاتهم المتعددة لا يشاركهم فيه سوى قلة قليلة من أبناء الجاليات الأخرى الذين ما لبثوا أن تطبَّعوا بطباعنا وسلكوا منهجنا؛ لأن قلتهم ووجودهم داخل الأغلبية من المواطنين وضعاهم تحت رقابتهم؛ فكانوا يدارونهم ويخشون خدش حقوق مجاورتهم أكثر من خشيتهم من أي جهاز رقابي أو أمني، إلاّ أنه مع حدوث الطفرة الاقتصادية والتمدد الهائل للمدن لم تسعف هذا الحي العريق طريقة تخطيطه وتوزيع مرافقه ومساحات مبانيه التي بُنيت على قدر قناعة جيل كان يبحث عن الستر والكفاف، حتى أن مساحات بعض المباني لا تتعدى ال (80) أو ال (100) م2.

نحتاج إلى معالجة وضع الأراضي والعقارات المملوكة وهدمها ثم تخطيطها بطريقة حديثة
نهضة عمرانية

ومما لا شك فيه أن حالته تلك لم تكن لتسعفه على الصمود أمام طوفان النهضة العمرانية الهائلة التي شهدتها البلاد آنذاك؛ لذا لم يعد يفي بمتطلبات العصر وتطلعات جيل اتسع عنده حيز الرزق فبدأ يتطلع إلى ما هو أفضل وأرحب، وحالته هذه شبيهة بحال العديد من الأحياء العريقة التي رحل عنها ساكنوها؛ فتحولت بعض مواقعها إلى "مغارات" موحشة بعد أن هجرها أهلها الأصليون وحلَّ مكانهم غرباء سكنوا وتناسلوا وغيَّروا هُويتها، حتى أن من يدخل إلى هذا الحي من أهله أصبح يبحث عن ذاته وسط مزيج من الأعراق المتنافرة، فكأنه بذلك وسط حي من أحياء "أديس أبابا" أو "أنجامينا" أو غيرها من الأحياء الفقيرة!. ولنا أن نتوقع ماذا يمكن أن يحدث خلف كواليس هذا الحي ودهاليزه المظلمة ووراء أبوابه المغلقة التي أصبح الدخول إليها والتوغل فيها عصيَّاً حتى على الجهات الأمنية، ناهيك عن جرائم وسلوكيات ومخالفات ارتبط ذكرها دائماً بالأحياء العشوائية، ومن ذلك الجرائم الأخلاقية وترويج المخدرات وتصنيع الخمور والسحر والتزوير، وغير ذلك مما قد يخطر على البال من جرائم وسلوكيات دخيلة على مجتمعنا.

قنابل موقوتة

هذه الحادثة تحتم علينا دون شك الالتفات إلى العديد من الأحياء التي قد يحدث فيها ما حدث في حي "منفوحة"، وذلك على امتداد المدن والقرى والهجر داخل "المملكة"، حيث غفلنا عنها وأهملناها عقوداً طويلة؛ إلى أن تحولت بنوعية من يسكنها وما يدور بداخلها إلى "قنابل موقوتة" لا نعرف متى وأين ستنفجر، كما أنها غدت محاضن للمخالفين والمشبوهين وأرباب السوابق، ممن باتوا ينزوون داخلها آمنين مطمئنين، ثم لا يتورعون بعد ذلك عن ارتكاب أي سلوك أو ممارسة تدر لهم عائداً مهما كان، وليس أدل على ذلك من مصانع الخمور وعمليات تزوير بعض العلامات التجارية الشهيرة والماركات العالمية؛ من أجل استخدامها في ترويج بضائع وصناعات رديئة مقلدة ومضروبة، وذلك كما حدث في حالات بيع العديد من المواد الغذائية والدوائية والمنظفات والملابس وقطع الغيار، وغيرها.

جهود الرقابة

كل هذه الجرائم كانت تدار داخل "دهاليز" هذه الأحياء وسككها المظلمة التي بقيت بمنأى عن جهود الرقابة وبعيدة عنها، إذ كان معظم ما يتم كشفه منها يحدث عن طريق بلاغات من مواطنين اكتشفوها عن طريق الصدفة، والغريب في الأمر هو تلك الجرأة التي تنتهجها هذه العمالة عادة في محاولة لإخفاء جرائمها وتضليل أجهزة الرقابة أو الجهات الأمنية، وقد تكرر ذلك مراراً وتكراراً على نفس النهج، مع عدم وجود الرادع المناسب والمراقب الحاذق؛ لأن الكثير من هذه الجرائم تنتهي بأخذ التعهدات وإغلاق المحال لبضعة أيام، وقد يُنفَّذ ذلك وقد لا يُنفَّذ.

ولعلّي استشهد هنا بحادثة حادثة حصلت في "الأسياح" قبل عدة سنوات، وذلك عندما اكتشف أحد المواطنين أن بعض العمالة تذبح جمالاً مريضة في أحد الأماكن المهجورة وسط المحافظة قبل عرضها وتوزيعها على بعض المحال، وفي خلال ساعات قليلة وقبل أن تصل الشرطة نقل هؤلاء العمالة تلك اللحوم بعيداً عن المكان ونظفوا المخلفات ودهنوا جدران المباني الداخلية بعد أن عبأوا الغرف بالتبن، وفي تفاصيل الصدفة التي قادت الرجل لاكتشاف هذه المخالفة شيء من الطرافة، إذ كان قبل ذلك يطارد كلباً سائباً اختطف إحدى دجاجاته وفرَّ بها إلى هذا المكان، لدرجة أن بعض من علَّق على خبر المخالفة حينها طلب أن يُسجَّل البلاغ باسم هذا الكلب السائب.

أماكن مهجورة

إن ما حدث في منفوحة لابد أن يضعنا على المحك نواجه مسؤولياتنا لاحتواء المشكلة والقضاء على جذورها ومسبباتها، ابتداءً من هذه الأماكن المهجورة التي يتخذها المخالفون والعابثون أوكاراً لممارسة ما يشاءون من مخالفات، وانتهاءً بآلية تأجير المساكن على العمالة، على أن يؤدي كل مسؤول أمانته في هذا الشأن بشكل يجعل بلادنا تضيق بأفقها واتساعها الجغرافي الكبير أمام أي مخالف أو عابث، خاصة أننا لن نحتاج إلى سن أنظمة جديدة؛ لان النظام موجود وواضح منذ عقود ويحتاج فقط إلى متابعة وتطبيق، ابتداءً من نظام وتوصيات البيوت المهجورة التي تشكل نوعاً من الخطورة أيَّاً كان نوعها، بما في ذلك ما لدى البلديات والدفاع المدني من توجيهات تقضي بحصر هذه المنازل وتوجيه إنذار خطي للمالك بضرورة إزالتها أو معالجة وضعها خلال فترة زمنية محددة، وفي حال انقضاء المهلة دون استجابة يتم عمل رفع مساحي للعقار وتصويره ثم إزالته نهائياً وتسجيل تكاليف الإزالة على ذمة المالك، بحيث يدفعها مع أول مراجعة متى ما رغب في التصرف بعقاره. والى أن يتم ذلك يتوجب ترقيم وحصر المنازل في هذه الأحياء وضبط عملية عقود التأجير، مع ضرورة ربطها بوجود وصلاحية رخص إقامات العمال، وتزويد عُمد الأحياء ورؤساء المراكز في للهجر بصورة من العقد، وتحميلهم مسؤولية معرفة المنازل الخالية والمسكونة وهوية وطبيعة وجود من يسكنها.

إعادة تأهيل

والأهم من ذلك كله، فإن أحداث "منفوحة" لا بد أن تُعزز المقترح الذي يقضي بضرورة إعادة تأهيل الأحياء القديمة كهذا الحي وغيره، وذلك بعد أن تتم معالجة وضع الأراضي والعقارات القائمة والمملوكة، بحيث يتم هدمها وإعادة تخطيطها بطريقة حديثة أسوة بأيّ مخطط جديد، مع المحافظة على المعالم التاريخية إن وُجدت، ومن ثم الإفادة منها في إيجاد مساحات سكنية وتجارية وخدمية، وبالتالي نكون قد حققنا هدفاً آخر يقضي بالحد من التمدد السلبي الهائل للمدن، الأمر الذي يهددها بالترهل ويستنزف جهود وتكاليف الخدمات من ماء وكهرباء وسفلتة، وغيرها من الخدمات التي أنهكت ميزانية الدولة في العديد من المخططات. وفقاً لصحيفة "الرياض"
بواسطة : التحرير
 0  0  5.1K
التعليقات ( 0 )

قناتنا على اليوتيوب

آخر التعليقات

من القلب الف شكر ابا ابراهيم على جهودك الإعلاميه وتغطياتك المتميزه دوما  اقول لك كفيت ووفيت فعلا
مقصورة #الراجحي تحتفل بـ #اليوم_الوطني_94

20 ربيع الأول 1446 | 1 | | 327
  أكثر  
الف الف مبروك صحيفة وطنيات ومنها للأعلى إن شاء الله عالميه
وطنيات تحصل على العلامة الذهبية على منصة "أكس"

26 محرم 1446 | 1 | | 288
  أكثر  
الطريق لم يتصل ببعضه فكيف يطرح للصيانة قبل اكتماله 
طريق خاط ثلوث المنظر تجرفه السيول والنقل ترد

17 محرم 1446 | 1 | | 414
  أكثر  
سوق الإثنين من الأسواق القديمة جدا وكان إلى وقت قريب يرتاده المتسوقون وحاليا، طاله الإهمال. بلدية ال
بالصور - سوق الأثنين الأسبوعي في بارق بين الأهمال ومُطالبات الأهالي

16 محرم 1446 | 1 | | 271
  أكثر  
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 06:46 صباحًا الأحد 20 جمادي الثاني 1446 / 22 ديسمبر 2024.